بسم الله الرحمن الرحيم
بحث حديثي
من مات ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا
الإعداد والجمع : عبد السلام حسين علي
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ الْحَجِّ
حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ
يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا شَاءَ نَصْرَانِيًّا .
رواه الدارمي في سننه (2/28) ، والبيهقي في السنن
(4/334) والروياني في مسنده (2/301) وابن الجوزي في الموضوعات (1155) من طرق عن
شريك عن ليث عن عبد الرحمن ابن سابط عن أبي أمامة . قال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/169) بعد إيراده للحديث : هذا
منكر عن شريك .
وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/377ح754) : قلت : في
إسناده شريك بن عبد الله عن ليث بن أبي سُليم وكلاهما ضعيف .
ورواه ابن عدي في الكامل (5/72-73) من طريق شريك عن
منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة ... فذكره . وقال : وهذا الحديثان عن أبي
هلال وشريك غير محفوظين .ا.هـ.
وأبو هلال في إسناد حديث آخر ، ولكن الشاهد أن
الحديث عن شريك غير محفوظ .
ورواه أيضا في الكامل (7/37) من طريق نصر بن مزاحم
عن سفيان عن ليث عن ابن سابط عن أبي أمامة ... فذكره .
وقال : وهذه
الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لم أذكرها عن من رواها عامتها غير محفوظة .
وأورد له ابن الجوزي في الموضوعات (1154) طريقا
آخروقال عنه : ففي الطريق الأول : عمار بن مطر ، قال العقيلي : يحدث عن الثقات
بالمناكير . وقال ابن عدي : متروك الحديث .
وقد نقل الزيلعي في نصب الراية (4/411-412) أن
الحديث روي مرسلا عن ليث عن شريك نقلا عن البيهقي فقال :
وقد روي هذا الحديث عن ليث عن شريك مرسلا وهو أشبه
بالصواب ، قال الإمام أحمد في كتاب الإيمان حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن ليث عن
ابن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، حدثنا إسماعيل بن علية عن ليث عن
عبد الرحمن بن سابط فذكره ، هكذا رواه أحمد من حديث الثوري ، وابن علية عن ليث
مرسلا وهو الصحيح .
فالحديث روي عن الثوري وابن علية كلاهما عن عبدالرحمن بن
سابط مرسلا وهما ثقتان حافظان .
فالصحيح أن الحديث لا يثبت مسندا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بل هو مرسل .
والحديث قد روي بألفاظ أخرى عن عدد من الصحابة :
1 - عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً
تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ
يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَذَلهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :"
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
" [ آل عمران ]
رواه الترمذي (812) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ
وَهِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ ، وَالْحَارِثُ يُضَعَّفُ فِي
الْحديث
ورواه البزار في مسنده (3/87-88ح861) وقال : وهذا
الحديث لا تعلم له إسنادا عن علي إلا هذا الإسناد ، وهلال هذا بصري حدث عنه غير
واحد من البصريين عفان ومسلم بن إبراهيم وغيرهما ، ولا نعلم يروى عن علي إلا من
هذا الوجه .
وهلال هو بن عبدالله مولى ربيعة بن عمرو ، قال عنه
الذهبي في الميزان (4/315) :
قال البخاري : منكر الحديث . وقال الترمذي : مجهول .
وقال العُقَيلي : لا يتابع على حديثه . وأورد له الذهبي هذا الحديث من مناكيره .
وقال الحافظ في التقريب : هلال بن عبد الله الباهلي
مولاهم أبو هاشم البصري متروك
أما الحارث فهو الأعور ، كذبه الشعبي وغيره .
وأورد العلامة الألباني الحديث في ضعيف الترغيب
والترهيب (1/377ح753) وقال : ضعيف . 2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس ، أو حاجة ظاهرة
، أو سلطان جائر ، فليمت أي الملتين شاء : إما يهوديا ، وإما نصرانيا .
رواه ابن عدي في الكامل (4/112) في ترجمة عبدالرحمن
بن القطامي ، وابن الجوزي في الموضوعات (2/583ح1153) .
قال ابن الجوزي : وأما حديث أبي هريرة ففيه : أبو
المهزوم واسمه يزيد بن سفيان . قال يحيى : ليس حديثه بشيء ، وقال النسائي : متروك
الحديث . وفيه عبدالرحمن القُطامي ، قال عمرو بن علي الفلاس : كان كذابا . وقال
ابن حبان : يجب تَنَكبُ رِوَاياته .
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/223) : رواه ابن
عدي من حديث عبد الرحمن القُطامي عن أبي المهزوم وهما متروكان .ا.هـ.
3 - عن عبد الرحمن بن غُنم أنه سمع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول : من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليه يهوديا
مات أو نصرانيا .
رواه الإسماعيلي كما عزاه ابن كثير في تفسيره (2/97)
، قال ابن كثير عقب الأثر : وهذا إسناد صحيح إلى عمر .
وروى سعيد بن منصور في سننه كما عزاه ابن كثير أيضا
في تفسيره (2/97) عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار
فينظروا كل من له جدة فلم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم
بمسلمين .
وهذا الأثر ضعيف لأن فيه إنقطاعا بين الحسن البصر ي
وعمر بن الخطاب .
الخلاصة : أن
الأحاديث التي وردت كلها ضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا أثر
عمر - رضي الله عنه - .
وعلى فرض صحة هذه الأحاديث فقد حملها العلماء على ما
يلي :
قال ابن جماعة في مناسكه : والحديث مؤول على من
يستحل تركه ولا يعتقد وجوبه .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر : ومحمله على من استحل الترك .
وقال ابن عراق : وعن بعضهم أنه على سبيل التغليظ
والتنفير والتحريض على المبادرة إلى قضاء الفرض .
من مات ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا
No comments:
Post a Comment