Friday, 1 March 2019

سنن وآداب وفضائل يوم الجمعة


بسم الله الرحمن الرحيم

سنن وآداب وفضائل يوم الجمعة

الإعداد والجمع : عبد السلام حسين علي

 


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. أما بعد:
أيها الأخوة الكرام!
أن الله عز وجل قد فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فلا شكَّ أن يوم الجمعة له سننٌ وآداب وفضائلُ كثيرة، وسنذكُر إن شاء الله تعالى شيئًا من ذلك:

1-  معناها
سميت بجمعة لاجتماع الناس فيها حيث يكثرون ويجتمعون فيها وكان يوم الجمعة في الجاهلية يسمى يوم العروبه وتنطق كلمة جمعة بضم الميم وفتحها كما حكاه الفراء والواحدي وغيرهما. يوم الجمعة يومٌ يَجتمع فيه المسلمون، وهذا الاجتماع له فوائدُ؛ منها: أن المسلمين يجتمعون - الضعيف والقوي والفقير والغني، والصغير والكبير - وكلُّهم متساوون؛ فهذا لا شكَّ أنه من أعظم الفوائد، ثم إن هذا الاجتماع يُرعب الكفار والأعداء ويُخوِّفهم.

2-  فضلها : أن يوم الجمعة خير من الأيام وأفضلها
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ – { صحيح مسلم، رقم : 854}

3-  تأكيد الإغتسال والتكبير ليوم الجمعة على كل بالغ من الرجال
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ {صحيح البخاري، رقم : 879}.
  (أ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ. {صحيح البخاري، رقم : 881}.
  (ب) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ إِنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ ‏.‏ قَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ.‏{صحيح مسلم، رقم : 845}.
  (ج) قال شيخ الإسلام في (الاختيارات) بمشروعية الغسل يوم الجمعة ووجوبه حال تغير رائحة الجسد.

4-  الطيب بالغسل والسواك يوم الجمعة
  (أ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَسِوَاكٌ وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ. {صحيح مسلم، رقم : 846}
  (ب) عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ؛ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا، فلا شكَّ أن ذلك أجرٌ عظيم حريٌّ بالإنسان أن يُطبقه. {صحيح سنن النسائي، رقم : 1380}

5-  فضل التهجير (التبكير) يوم الجمعة (ويبدأ وقت التهجير بعد طلوع الشمس وذهاب وقت النهي)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ. {صحيح مسلم، رقم : 850}.

6-  الإنصات يوم الجمعة إلى الخطبة أي فى أثناء الخطبة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَخْبَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ. {صحيح البخاري، رقم : 934}.
وفي هذا الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة فما دام سمي الأمر بالمعروف حال الخطبة لغوا فغيره من الكلام من باب أولى.

7-  صلاة ركعتين أى تحية المسجد
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ :‏ يَا سُلَيْكُ، قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ : إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا. {صحيح مسلم، رقم : 875}
ومعنى أن يتجوز فيهما أن يخففهما : وليس للجمعة سنة قبلية بل يصلي ما كتب له ركعتين أو أربع أو أكثر من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ يُصَلِّيْ مَاكُتِبَ لَهُ {صحيح بخاري، رقم : 883}

8-  ساعة الإجابة فى يوم الجمعة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، زَادَ قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ: وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. {صحيح البخاري، رقم : 935 وصحيح مسلم : 852}
وهي ساعة خفيفة اختلف في تحديدها ولكن أرجى ما تكون بين جلوس الإمام إلى أن تقضي الصلاة كما في الحديث أبي موسى عند مسلم، وقيل: هي آخر ساعة من يوم الجمعة، وهو الراجح كما ذكر سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، وزاد : ولكن ينبغي الاجتهاد في كلتا الحالتين.

9-  استحباب الدُّهْنِ للجمعة
عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى. {صحيح البخاري، رقم : 883}

10-  استحباب قراءة الجمعة أي فى أثناء الصلاة
  (أ) قرأة سورة الكهف في يوم الجمعة
عَنْ أَبِيْ سَعِيْدِ الْخُدْرِيُّ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأ سُوْرَةُ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّوْرِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيْقِ. {الجامع الصغير، رقم : 8913} صححه الألبانى.
  (ب) ما يستحب قرأة صلاة الفجر فى يوم الجمعة : سورة السجدة وسورة الإنسان
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ﴿ الم * تَنْزِيلُ ﴾ {سولرة السجدة}، و﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ سورة الإنسان. {صحيح البخاري، رقم : 891، وصحيح مسلم، رقم : 879}
  (ج) ما يستحب قرأة صلاة الجمعة : سورة الجمعة والمنافق، أو سورة الأعلي والغاشية
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ. {صحيح مسلم، رقم : 879} وفى الحديث أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ ‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ‏‏وَ‏هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ‏{صحيح جامع الترمذي، رقم : 519}

11-  عدم الإطالة في الخُطبة والصلاة
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا. (معني القصد: الاعتدال، وهو التوسط بين التقصير والإطالة). {صحيح مسلم، رقم : 866}

12 -  الصلاة بعد الجمعة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا. {صحيح مسلمـ رقم : 881}

13-  التغليظ على من ترك الجمعة
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍ وَأَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمَا سَمِعًا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ. {صحيح مسلم، رقم : 865} قَوْلُهُ : وَدْعِهِمُ أي تركهم وفيه أن الجمعة فرض عين على الرجال، وقوله : لَيَخْتِمَنَّ أي الطبع والتغطية والعياذ بالله.

14-  بعض السنن والآداب التي ينبغي التحلي بها
  (ا) إستحباب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فى يوم الجمعة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَىَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . { سنن إبن ماجه، رقم : 1637 وقال الألباني حسن لغيره}
  (ب) لا ينبغي للمسلم أن يحجز مكانا بعصا ونحوه بل عليه التبكير للصلاة والجلوس حيث ينتهي به الصف، ولا يتخطى الرقاب، ولا يفرق بين اثنين.
  (ج) لا يجوز حال الخطبة العبث بيده أو برجله أو غير ذلك؛ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا. {صحيح مسلم، رقم : 875}
  (د) يستحب التنظف والتزين يوم الجمعة وأن يمس المسلم الطيب بدنه وثوبه.

15-  خاتما
هذا ما تيسَّر ذكرُه، ولا شك أن السنن والآداب والفضائل أكثرُ مِما ذكرتُ، والله تعالى أعلى وأعلمُ، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحْبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.

No comments:

Post a Comment